المصطفي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المصطفي

موقع شامل
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام   فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Icon_minitimeالسبت يناير 05, 2008 10:59 am

فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 58 ـ أخبرنا السيد أبو الصّمصام ذو الفقار بن أحمد بن معبد (1) الحسيني ، حدّثنا الشّيخ أبو جعفر الطّوسي ، حدّثنا الشيخ المفيد أبو عبدالله ، حدّثنا الشّيخ أبو جعفر بن بابويه ، حدثنا أبي ، حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابراهيم بن أبي البلاّد ، عن أبيه ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : كان نبوّة إدريس عليه السلام أنه كان في زمنه ملك جبّار وأنّه ركب ذات يوم في بعض نزهة ، فمرّ بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن فأعجبته ، فسأل وزراءه لمن هذه ؟ فقالوا : لفلان ، فدعا به ، فقال له : أمتعني (2) بأرضك هذه ، فقال : عيالي أحوج إليها منك ، فغضب الملك وانصرف إلى أهله .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وكانت له امرأة من الأزارقة يشاورها في الأمر إذا نزل به ، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب ، فقالت : أيّها الملك انّما يغتم ويأسف من لا يقدر على التّغيير ، فان كنت تكره أن تقتله بغير حجة ، فأنا أكفيك أمره وأصيّر أرضه بيدك بحجة لك فيها العذر عند أهل مملكتك ، فقال : ما هي ؟
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank قالت : أبعث أقواماً من أصحابي الأزارقة حتى ياتوك به ، فيشهدون لك عليه عندك أنّه قد برىء من دينكم ، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه ، قال : فافعلي وكان أهلها يرون قتل
____________
(1) في ق 4 : سعيد ـ خ ل .
(2) في ق 2 : متعني .


( 74 )
المؤمنين ، فأمرتهم بذلك ، فشهدوا عليه أنّه برىء من دين (1) الملك ، فقتله واستخلص أرضه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فغضب الله تعالى للمؤمن فأوحى إلى إدريس عليه السلام أن ائت عبدي الجبار فقل له : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلماً حتى استخلصت أرضه ، فأحوجت (2) عياله من بعده وأجعتهم (3) ، أما وعزّتي لأنتقمنّ له منك في الآجل ، ولأسلبنّك ملكك في العاجل ، ولاُطعمنّ الكلاب ولحمك ، فقد غرّك حلمي ، فأتاه إدريس عليه السلام برسالة ربّه ، وهو في مجلسه وحوله أصحابه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فقال الجبار : اخرج عنّي يا ادريس ، ثم أخبر امراته بما جاء به إدريس صلوات الله عليه ، فقال : لا تهولنّك رسالة إدريس أنا أرسل إليه من يقتله وأكفيك امره ، وكان لإدريس صلوات الله عليه أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم يوحى الله ورسالته (4) إلى الجبّار ، فخافوا على إدريس منه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم بعثت امرأة الجبار أربعين رجلاً من الزارقة ليقتلوا إدريس ، فأتوه فلم يجدوه في مجلسه ، فانصرفوا ورآهم أصحاب إدريس ، فأحسّوا بأنّهم يريدون (5) قتل إدريس عليه السّلام ، فتفرّقوا في طلبه وقالوا له : خذ حذرك يا إدريس ، فتنحّى عن القرية (6) من يومه ذلك ومعه نفر من أصحابه ، فلمّا كان في السّحر ناجى ربه ، فأوحى الله إليه أن تنحّ عنه وخلّني وإياه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank قال إدريس صلوات الله عليه : أسألك أن لا تمطر السّماء على أهل هذه القرية ، وان خرجت وجهدوا وجاعوا . قال الله تعالى : إنّي قد أعطيتك ما سألته ، فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عليهم وعنهم ، وقال : اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها من القرى ، فتفرقوا وشاع الخبر بما سأل إدريس عليه السّلام ربّه .
____________
(1) في ق 1 وق 5 : عن دين .
(2) في ق 2 : فأخرجت .
(3) في ق 3 : وأحوجتهم . وفي ق 4 : وأفجعتهم .
(4) في ق 2 وق 4 وق 5 : ورسالاته .
(5) في ق 2 : أرادوا .
(6) في ق 3 : عن القوم .


( 75 )
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وتنحّى إدريس إلى كهف في جبل شاهق ، ووكّل الله تعالى ملكاً ياتيه بالطعام عند كلّ مساء ، وكان يصوم النهار ، وظهر في المدينة جبار آخر ، فلسب ملكه ـ أعني : الأول ـ (1) وقتله وأطعم الكلاب لحمه ولحم امرأته ، فمكثوا بعد إدريس عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم مطرة ، فلما جهدوا ومشى بعضهم إلى بعض .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فقالوا : إنّ الذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس عليه السلام ربّه ، وقد تنحّى عنّا ولا علم لنا بموضعه ، والله أرحم بنا منه ، فأجمعوا أمرهم على أن يتوبوا إلى الله تعالى ، فقاموا على الرّماد ، ولبسوا المسوح ، وحثّوا على رؤوسهم التّراب ، وعجّوا إلى الله بالتّوبة والاستغفار والبكاء والتّضرع إليه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فأوحى الله تعالى إلى امللك الّذي يأتي إدريس عليه السلام بطعامه : أن أحبس طعامه عنه ، فجاع إدريس عليه السلام ليلة ، فلمّا كان في ليلة اليوم الثّاني لم يؤت بطعامه قلّ صبره وكذلك (2) اللّيلة الثّالثة ، فنادى يا ربّ حبست عنّي رزقي من قبل أن تقبض روحي .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فأوحى الله إليه اهبط من موضعك ، واطلب المعاش لنفسك ، فهبط إلى قرية فلمّا دخلها نظر إلى دخان بعض منازلها ، فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترفق قرصين لها على مقلاة فقال : بيعي منّي (3) هذا الطعام ، فحلفت أنّها ما تملك شيئاً غيرهما (4) واحد لي وواحد لإبني ، فقال : إنّ ابنك صغير يكفيه نصف قرصة فيحيى به ويجزيني النّصف الآخر ، فأكلت المرأة قرصها ، وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها ، فلمّا رآى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتّى مات ، فقالت يا عبدالله : قتلت ابني جزعاً على قوته ، فقال لها إدريس عليه السلام : أحييه باذن الله ولا تجزعي .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم أخذ إدريس بعضد الصّبيّ وقال : أيتها الرّوح الخارجة عن هذا الغلام ارجعي إليه وإلى بدنه باذن الله تعالى ، أنا إدريس النبيّ ، فرجعت روح الغلام إليه ، فقالت أشهد أنك
____________
(1) في ق 3 : فسلب ملك الأول .
(2) في ق 1 وق 3 وق 4 وق5 : وكذا .
(3) في ق 2 وق 4 : من .
(4) في ق 2 : منه شيئاً غيرها .


( 76 )
إدريس النّبيّ ، وخرجت ونادت في القرية بأعلى صوتها : إبشروا بالفرج قد دخل إدريس عليه السلام قريتكم .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبّار الأول وهي تلّ ، فاجتمع إليه الناس من أهل قريته (1) ، فقالوا مسّنا الجوع والجهد في هذه العشرين سنة ، فادع الله تعالى لنا أن يمطر علينا ، قال إدريس عليه السلام : لا أدعوا حتّى يأتيني (2) جبّاركم وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة ، فبلغ الجبار قوله ، فبعث إليه أربعين رجالً يأتوه بادريس ، فأتوه وعنفوا به ، فدعا عليهم فماتوا ، فبلغ الجبار الخبر ، فبعث إليه خمسمائة رجل ، فقالوا له : يا إدريس إنّ الملك بعثنا إليك لنذهب بك إليه ، فقال لهم إدريس عليه السلام : انظروا إلى مصارع أصحابكم قالوا : متنا بالجوع (3) فارحم وادع الله أن يمطر علينا فقال : حتّى يأتي الجبار .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم إنهم سألوا الجبّار أن يمضي معهم ، فأتوه وقفوا بين يديه خاضعين ، فقال إدريس عليه السلام : الآن ، فنعم . فسأل الله أن يمطر عليهم فاظلّتهم سحابة من السّماء ، فارعدت وأبرقت وهطلت عليهم (4) .

فصل ـ 1 ـ
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 59 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا (5) محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، حدثنا محمد بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ ملكاً من الملائكة كانت له منزلة ، فأهبط الله تعالى من السّماء إلى الأرض ، فأتى إدريس النبي عليه السلام ، فقال له : اشفع لي عند ربك ، قال : فصلى ثلالث ليال لا يفتر وصام
____________
(1) في ق 3 : القرية .
(2) في ق 2 : ياتني .
(3) في ق 3 : مسّنا الجوع .لا
(4) ذكر العلامة المجلسي نحوه مع اختلاف كثير في الألفاظ مع التّحفظ لروح القصّة عن اكمال الدّين في البحار ( 11 | 271 ـ 276 ) ، برقم : ( 2 ) ، واكتفى بذلك عن التنصيص على عبارات القصّة عن قصص الانبياء .
(5) في ق 2 وق 4 : قال : حدّثنا .


( 77 )
أيّامها لا يفطر .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم طلب إلى الله تعالى في السّحر للملك ، فأذن له في الصّعود إلى السّماء ، فقال له الملك : أحبّ أن اكافيك ، فاطلب إليّ حاجة ، فقال : تريني ملك الموت لعلّي آنس به ، فانّه ليس يهنئني (1) مع ذكره شيء فبسط جناحيه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم قال له : اركب (2) فصعد به ، فطلب ملك الموت في سماء الدّنيا ، فقيل له : إنّه قد صعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة ، فقال الملك الملك الموت : ما لي أراك قاطباً ؟ قال : أتعجّب أنّي كنت تحت ظلّ العرش حتّى اُومر (3) أن أقبض روح إدريس بين السّماء الرّابعة والخامسة ، فسمع إدريس ذلك ، فانتقض (4) من جناح الملك ، وقبض ملك الموت روحه مكانه ، وفي قوله تعالى : « وذاكر في الكتاب إدريس إنّه كان صديقاً نبيّاً ورفعناه مكاناً عليّاً » (5) (6) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 60 ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : كان إدريس النّبيّ صلوات الله عليه يسيح النّهار ويصومه (7) ، ويبيت حيث ما جنّه اللّيل ، ويأتيه رزقه حيث ما أفطر ، وكان يصعد له من العمل الصّالح مثل ما يصعد لأهل الأرض كلّهم ، فسأل ملك الموت ربّه في زيارة (Cool إدريس عليه السلام وأن يسلّم عليه ، فأذن له فنزل وأتاه ، فقال : إنّي أريد أن أصحبك ، فأكون معك فصحبه ، وكانا يسيحان النّهار ويصومانه ، فإذا جنّهما اللّيل أتى إدريس فطره (9) فيأكل ، ويدعو ملك الموت إليه فيقول : لا حاجة لي فيه ، ثم يقومان
____________
(1) في ق 2 : يهنأ إليّ .
(2) في ق 1 : جناحيه ثم ركب .
(3) في البحار : حتى أمرت .
(4) في ق 1 وق 5 والبحار : فانتفض .
(5) سورة مريم : ( 56 ) .
(6) بحار الأنوار ( 11 | 277 ـ 278 ) ، برقم : ( 7 ) .
(7) في ق 2 وق4 : يسيح النّهار بصومه .
(Cool في ق 4 : في زيارته .
(9) في ق 1 وق 3 : فطوره .


( 78 )
يصلّيان وإدريس ويفتر وينام ، وملك الموت يصلّي ولا ينام ولا يفتر ، فمكثا بذلك أيّام .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم إنّهما مرّا بقطيع غنم وكرم قد أينع ، فقال ملك الموت : هل لك أن تأخذ من ذلك حملا ، أو من هذا عناقيد فتفطر عليه ؟ فقال : سبحان الله أدعوك إلى ما لي فتأبى ، فكيف تدعوني إلى مال الغير ؟
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم قال إدريس عليه السلام : قد صحبتني وأحسنت فيما بيني وبينك من أنت ؟ قال : أنا ملك الموت قال إدريس : لي إليك حاجة فقال : وما هي ؟ قال : تصعد بي إلى السّماء فاستأذن ملك الموت ربّه في ذلك ، فأذن له فحمله على جناحه فصعد به إلى السّماء .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم قال له إدريس عليه السلام : إنّ لي إليك حاجة أخرى قال : وما هي ؟ قال : بلغني من الموت شدة فأحبّ أن تذيقني (1) منه طرفاً فانظر هو كما بلغني ؟ فاستأذن ربّه له ، فأخذ بنفسه ساعة ثم خلّى عنه فقال له : كيف رأيت (2) ؟ قال : بلغني عنه شدة ، وأنّه لأشدّ ممّا بلغني (3) ولي إليك حاجة اُخرى تريني النّار فاستأذن ملك الموت صاحب النّار ، ففتح له ، فلما رآها إدريس عليه السلام سقط مغشيّاً عليه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم قال له : لي إليك حاجة اُخرى تريني الجنّة ، فاستأذن ملك الموت خازن الجنّة فدخلها فلمّا نظر إليها قال : يا ملك الموت ما كنت لأخرج منها إنّ الله تعالى يقول : ( كلّ نفس ذائقة الموت ) وقد ذقته ويقول : ( وإن منكم إلا واردها ) وقد وردتها ويقول في الجنّة : ( وما هم بخارجين منها ) (4) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 61 ـ وبالاسناد المتقدّم عن وهب بن منبّه : أنّ إدريس عليه السلام كان رجلاً طويلاً ضخم البطن ، غظيم الصدر ، قليل الصّوت ، رفيق المنطق ، قريب الخطا إذا مشى ، وإنّما سمّي إدريس لكثرة ما يدرس من كلام الله تعالى ، وهو بين أظهر قومه يدعوهم إلى
____________
(1) في ق 3 : تذوقني .
(2) في ق 1 : رأيته .
(3) في ق 3 : وانّه اشدّ مما بلغني ، وفي ق 4 : وانّه لأشدّ ممّا يبلغني .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 278 ـ 279 ) ، برقم : ( 7 ) ، الدّية : 35 سورة الأنبياء ، الآية : 71 سورة مريم ، والذيل بحسب منا يراد منه حصناً ، غير موجود في القرآن .


( 79 )
عبادة الله ، فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد ، حتّى صاروا سبعة وسبعين ، إلى ان صاروا سبعمائة ثم بلغوا ألفاً ، فاختار منهم سبعة ، فقال لهم : تعالو فليدع بعضنا وليؤمنّ بقيننا ، ثم رفعوا أيديهم إلى السّماء فنّبأه الله ودلّ (1) على عبادته ، فلم يزالوا يعبدون الله حتّى رفع الله تعالى إدريس عليه السلام إلى السّماء وانقرض من تابعه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم اختلفوا حتى كان زمن نوح عليه السلام وأنزل الله على إدريس ثلاثين صحيفة وهو أوّل من خطّ بالقلم ، وأوّل من خاط الثّياب ولبسها ، وكان من كان قبله يلبسون الجلود ، وكان كلّما خاط سبّح الله وهلّله وكبّره ووحّده ومجّده ، وكان يعسد إلى السّماء من عمله في كل يوم مثل أعمال أهل زمانه كلّهم .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank قال : وكانت الملائكة في زمن إدريس صلوات الله عليه يصافحون النّاس ويسلّمون عليهم ويكلّمونهم ويجالسونهم ، وذلك لصلاح الزمان وأهله وفلم يزال النّاس على ذلك حتى كان (2) زمن نوح عليه الصّلاة والسلام وقومه ، ثم انقطع ذلك .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وكان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنّة ، فقال له ربّه : إنّ إدريس إنّما حاجك فحجّك بوحي (3) وأنا الّذي هيّأت له تعجيل دخول الجنّة ، فإنّه كان ينصب نفسه وجسده يتعبهما لي ، فكان حقاً عليّ أن أعوّضه (4) من ذلك الرّاحة (5) والطمأنينة وأن ابوّئه بتواضعه لي وبصالح عبادني من الجنّة مقعداً ومكاناً عليّاً (6) .


فصل ـ 2 ـ
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 62 ـ وبالاسناد عن سعد بن عبدالله ، حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن الحسن بن عطا الأزدي ، عن عبد السّلام ، عن عمار اليقظان (7) قال : كان عند أبي
____________
(1) في ق 1 : ودله .
(2) في ق 3 : إلى أن كان .
(3) في ق 4 والبحار : بوحيي .
(4) في ق 4 : اعتوضه .
(5) في ق 2 وق 4 : بالراحة .
(6) بحار الأنوار ( 11 | 279 ـ 280 ) ، برقم : ( 9 ) .
(7) في البحار : أبي اليقظان .


( 80 )
عبدالله صلوات الله عليه جماعة وفيهم رجل يقال له : أبان بن نعمان فقال : أيّكم له علم بعمّي زيد بن عليّ صلوات الله عليه ؟ فقال : أنا أصلحك الله قال : وما علمك به قال : كنّا عنده ليلة : فقال هل لكم في مسجد سهلة ؟ فخرجنا معه إليه ، فوجدنا معه إجتهاداً كما قال .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فقال أبو عبدالله صلوات الله عليه : كان بيت إبراهيم صلوات الله عليه الّذي خرج منه إلى العمالقة ، وكان بيت إدريس عليه السلام الّذي كان يخيط فيه ، وفيه صخرة خضراء فيها صورة وجوه النّبيين ، وفيه مناخ الرّاكب ـ يعني : الخضر عليه السلام ـ ثم قال : لو أنّ عمى أتاه حين خرج فصلّى فيه واستجار بالله لاجاره عشرين سنة ؛ وما أتاه مكروب قط ، فصلّى فيه ما بين العشاءين ودعا الله إلا فرج الله عنه (1) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 63 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن علي بن المفضل بن تمام ، حدّثنا أحمد بن محمد بن عمّار ، عن أبيه ، عن حمدان القلانسي ، عن محمد بن جمهور ، عن مرازم (2) بن عبدالله ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه أنّه قال : يا أبا محمد كأنّي أرى نزول القائم في مسجد السّهلة باهله وعياله قلت : يكون منزله ؟ قال : نعم ، هو منزل إدريس عليه السلام وما بعث الله نبيّاً إلا وقد صلّى فيه ، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقبله يحنّ إليه ، وما من يوم ولا ليلة إلاّ والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون الله فيه ، يا أبا محمد أما انّي لو كنت بالقرب منكم ما صلّيت صلاة إلاّ فيه ، ثم إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين (3) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 64 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عبدالله بن محمد الصّائغ ، حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان ، حدثنا أبو محمد بن عبدالله بن حبيب ، حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، قال : قال لي الصّادق عليه السلام : إذا دخلت الكوفة فأت مسجد السّهلة ، فصل في واسأل الله حاجتك لدينك ودنياك ، فانّ مسجد السّهلة بيت إدريس عليه السلام الذي كان يخيط فيه ويصلّي فيه ، ومن دعا الله فيه بما أحبّ قضى له
____________
(1) بحار الأنوار ( 100 | 434 ـ 435 ) ، برقم : ( 2 ) و( 46 | 182 ) ، برقم : ( 45 ) .
(2) في ق 1 و2 و4 : مريم .
(3) بحار الأنوار ( 52 | 317 ) ، برقم : ( 13 ) و( 100 | 435 ) ، برقم : ( 3 ) . ؤ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: فى زكر هود وصالح عليهما السلام   فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Icon_minitimeالسبت يناير 05, 2008 11:02 am

81 ـ وبالاسناد المتقدم عن وهب بن منبّه أنّه قال : كان من أمر عاد أنّ كل رمل على ظهر الأرض وضعه الله لشيء من البلاد كان مساكن (1) في زمانها ، وقد كان الرّمل قبل ذلك في البلاد ، ولكن لم يكن كثيراً حتّى كان زمان عاد ، وأنّ ذلك الرّمل كان (2) قصوراً مشيّدة وحصوناً ومدائن ومصانع ومنازل وبساتين .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وكانت بلاد عاد أخصب [ من ] (3) بلاد العرب ، وأكثرها أنهاراً وجنانا ، فلمّا غضب الله عليهم وعتوا على الله ، وكانوا أصحاب الأوثان يعبدونها من دون الله ، فارسل الله عليهم الريّح العقيم وانّما سميت « العقيم » لأنّها تلقحت بالعذاب ، وعقمت عن الرّحمة (4) ، وطحنت تلك القصور والحصون والمدائن والمصانع حتّى عاد ذلك كلّه رملاً دقيقاً تسفيه الرّيح ، وكان تلك الرّيح (5) ترفع الرّجال والنّساء ، فتهب بهم صعدا ، ثم ترمي بهم من الجوّ (6) فيقعون على رؤوسهم منكّسين .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وكانت عاد ثلاثة عشر قبيلة وكان هود عليه السلام في حسب عاد وثروتها وكان أشبه
____________
(1) في ق 2 : وكان ساكن .
(2) في ق 3 وق 4 والبحار : كانت .
(3) الزيادة من ق 5 .
(4) في ق 2 وق 3 : من الرحمة .
(5) في ق 2 وق 4 : الرياح وكان تلك الرياح .
(6) في ق 2 : إلى الجو .


( 89 )
ولد آدم بآدم صلوات الله عليهما ، وكان رجلاً أدم (1) ، كثير الشّعر ، حسن الوجه ، ولم يكن أحد من النّاس أشبه بآدم منه إلاّ ما كان من يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما ، فلبث هود عليه السلام فيهم زماناً طويلاً يدعوهم إلى الله ، ويبهاهم عن الشّرك بالله تعالى وظلم النّاس ، ويخوّفهم بالعذاب فلجّوا ، وكانوا يسكنون أحقاف الزّمان ، وأنّه لم يكن اُمّة أكثر من عاد ولا أشد منهم بطشاً .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فلما رأوا الرّيح قد أقبلت عليهم قالوا لهود أتخوّفنا بالرّيح ، فجمعوا ذراريهم وأموالهم في شعب من تلك الشّعاب ، ثم قاموا على باب ذلك الشّعب يردّون الرّيح عن أموالهم وأهاليهم ، فدخلت الرّيح من تحت أرجلهم بينهم وبين الأرض حتّى قلعتهم ، فهبّت بهم صعدا ، ثم رمت بهم من الجوّ ثم رمت بهم الريح في البحر ، وسلّط الله عليهم الذّر فدخلت في مسامعهم ، وجاءهم من الذّر ما لا يطاق قبل أن يأخذهم الرّيح ، فسيّرهم ، من بلادهم ، وحال بينهم وبين مرادهم حتّى أتاهم الله (2) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وقد كان سخّر لهم من قطع الجبال والصّخور والعمد والقوّة على ذلك والعمل به شيئاً (3) لم يسخّره لأحد كان قبلهم ولا بعدهم ، وإنّما سمّيت « ذات العماد » من أجل أنهم يسلخون العمد من الجبال ، فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الّذي يسلخونه منه من أسفله إلى أعلاه ، ثمّ ينقلون تلك العمد فينصبونها ، ثم يبنون فوقها القصور ، وقد كانوا ينصبون تلك العمد أعلاماً في الأرض على قوارع الطّريق ، وكان كثرتهم بالدّهنا ويبرين وعالج إلى اليمن إلى حضرموت (4) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 82 ـ وسئل وهب عن هود أكان أبا اليمن (5) ألّذي ولّدهم ؟ فقال لا ، ولكنّهم أخو اليمن الّذي في التّوراة تنسب إلى نوح عليه السلام ، فلمّا كانت العصبيّة بين العرب وفخرت مضر بأبيها اسماعيل ادّعت اليمن هوداً أباً ليكون لهم أباً ووالداً (6) من الانبياء ،
____________
(1) في ق 3 : أدماً .
(2) في ق 3 : حتى أبادهم الله ، وفي البحار : وحال بينهم وبين موادهم حتى أتاهم الله .
(3) في ق 3 : شيء .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 357 ـ 358 ) ، برقم : ( 15 ) .
(5) في ق 1 وق 2 وق 4 وق 5 : أكان باليمن .
(6) في البحار : ليكون لهم أب وولد .


( 90 )
وليس بأبيهم ولكنه أخوهم (1) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ولحق هود ومن آمن معه بمكّة ، فلم يزالوا بها حتّى ماتوا ، وكذلك فعل صالح عليه السلام بعده ، ولقد سلك فج الرّوحا سبعون ألف نبيّ حجاجاً عليهم ثياب الصّوف مخطمين أبلهم بحبال الصّوف ، يلبّون الله بتلبية شتّى ، منهم : هود وصالح وإبراهيم وموسى ، شعيب ويونس صلوات الله عليهم وكان هود رجلاً تاجراً (2) .


فصل ـ 1 ـ
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 83 ـ وبالاسناد الّذي قدّمنا عن ابن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله سلام الله عليه قال : لمّا بعث الله هوداً أسلم له العقب من ولد سام ، وأمّا الآخرون فقالوا : من أشدّ منّا قوّة ، فأهلكوا بالرّيح العقيم ، ووصى (3) وبشرهم بصالح صلوات الله عليهما (4) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 84 ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا سعيد بن جناح ، عن أيّوب بت راشد ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : كانت أعمار قوم هود صلوات الله عليه أربعمائة سنة وقد كانوا يعذّبون بالقحط ثلاث سنين ، فلم يرجعوا عمّا هم عليه ، فلمّا رأوا ذلك بعثوا وفداً لهم إلى جبال مكة ، وكانوا لا يعرفون موضع الكعبة ، فمضوا واستسقوا فرفعت لهم ثلاث سحبات ، فقالوا : هذه حفا يعني الّتي ليس فيها ماء وسمّوا الثّنية فاجياً و[ اختاروا ] (5) الثالثة التي فيها العذاب .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank قال : والرّيح عصفت عليهم ، وكان رئيسهم يقال له : الخلجان فقالوا : يا هود ما ترى الرّيح إذ أقبلت أقبل معها خلق [ كثير ] (6) كأمثال الأباعر معها أعمدة هم الّذين يفعلون بنا الأفاعيل ، فقال : أولئك الملآئكة ، فقالوا : أترى ربّك إن نحن آمنّا به أن يديلنا منهم ،
____________
(1) في ق 3 والبحار : ولكنه أخو اليمن .
(2) بحار الأنوار ( 11 | 358 ـ 359 ) ، برقم : ( 15 ) .
(3) في البحار : وأوصاه هود .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 359 ) ، برقم : ( 16 ) عن إكمال الدين .
(5) الزيادة من البحار .
(6) الزيادة من ق 4 وق 5 والبحار .


( 91 )
فقال لهم هود عليه السلام : إنّ الله تعالى لا يديل أهل المعاصي من أهل الطّاعة ، فقال له الخلجان : وكيف لي بالرّجال الّذين هلكوا ؟ فقال له هود : يبدلك الله بهم من هو خير لك منهم ، فقال : لا خير في الحياة بعدهم (1) ، فاختار اللّحاق بقومه ، فأهلكه الله تعالى (2) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 85 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن عبد الملك بن طريف ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : خرجنا مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى نخيلة (3) فإذا أناس من اليهود معهم ميّت لهم ، فقال أمير المؤمنين للحسن صلوات الله عليهما : انظر ما يقول هؤلاء في هذا القبر ؟ فقال : يقولون : هو هود عليه السلام فقال : كذبوا أنا أعلم به منهم ، هذا قبر يهود بن يعقوب ، ثم قال : من ها هنا من مهرة ؟ فقال شيخ كبير : أنا منهم ، فقال له (4) : أين منزلك ؟ فقال : في مهرة على شاطىء البحر (5) ، فقال : أين هو من الجبل الّذي عليه الصّومعة . قال : قريب منه قال : ما يقول قومك فيه ؟ فقال : يقولون هو (6) قبر ساحر ، فقال : كذبوا أنا أعلم به منهم ، ذلك قبر (7) هود عليه السلام وهذا قبر يهودا (Cool .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 86 ـ وباسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن ذرعة بن محمد الحضرمي ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا هاجت الرّياح فجاءت بالسّافي الأبيض والأسود والأصفر ، فانّه رميم قوم عاد (9) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 87 ـ وعن ابن بابويه ، حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا معاذ بن المثنى العنبري ،
____________
(1) في ق 4 : لا خير لي في الحياة بعدهم ، وفي ق 2 : لا خير لي في الحياة الدّنيا بعدهم ، وفي ق 5 : لا خير في الحياة الدّنيا .
(2) بحار الأنوار ( 11 | 359 ) ، برقم : ( 17 ) .
(3) في ق 2 : النخيلة .
(4) في البحار : فقال لهم .
(5) في ق 4 : الفرات ، وفي ق 3 : النهر .
(6) الزيادة من ق 2 وق 3 .
(7) في ق 2 : هو قبر .
(Cool بحار الأنوار ( 11 | 359 ـ 360 ) ، برقم : ( 18 ) .
(9) بحار الأنوار ( 11 | 361 ) و( 69 | 11 ) ، برقم : ( 31 ) .


( 92 )
حدثنا عبدالله بن أسماء (1) ، حدّثنا جويرية ، عن سفيان بن منصور ، عن أبي وائل ، عن وهب قال : لمّا تمّ لهود عليه السلام أربعون سنة أوحى الله إليه أن ائت قومك ، فادعهم إلى عبادتي وتوحيدي ، فان أجابوك زدتهم قوّة وأموالاً ، فبيناهم مجتمعون إذ أتاهم هود ، فقال : يا قوم أعبدوا الله ما لكم من آله غيره ، فقالوا : يا هود لقد كنت عندنا ثقة أميناً قال : فانّي رسول الله إليكم دعوا عبادة الأصنام ، فلمّا سمعوا ذلك منه بطشوا به وخنقوه وتركوه كالميّت ، فبقى يومه وليلته مغشيّاً عليه ، فلمّا أفاق قال : ربّ إنّي قد عملت وقد ترى ما أفعل بي قومي .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فجاء جبرئيل عليه السلام فقال : يا هود إنّ الله تعالى يأمرك أن لا تفتر عن دعائهم ، وقد وعدك أن يلقي في قلوبهم الرعب ، فقال يقدرون على ضربك بعدها ، فأتاهم هود ، فقال لهم : قد تجبّرتم في الأرض وأكثرتم الفساد ، فقالوا : يا هود اترك هذا القول ، فانّا إن بطشنا بك الثّانية نسيت الاولى ، فقال : دعوا هذا وارجعوا إلى الله وتوبوا إليه ، فلمّا رأى القوم ما لبسهم من الرعب علموا أنّهم لا يقدرون على ضربه الثّانية ، فاجتمعوا بقوّتهم ، فصاح بهم هود عليه السلام صيحة فسقطوا لوجوههم .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم قال : يا قوم قد تماديتم في الكفر ، كما تمادى قوم نوح عليه السلام وخليق أن أدعو عليكم كما دعا نوح على قومه ، فقالوا : يا هود إنّ آلهة قوم نوح كانوا ضعفاء وإنّ الهتنا أقوياء ، وقد رأيت شدّة أجسامنا (2) وكان طول الرّجل منهم مائة وعشرين ذراعاً وعرضه ستون ذراعاً ، وكان أحدهم يضرب الجبل الصغير فيقطعه ، فمكث على هذا يدعوهم سبعمائة وستّين سنة .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فلمّا أراد الله تعالى هلاكهم حقف الاحقاف حتى صارت أعظم من الجبال ، فقال لهم هود يا قوم ألا ترون إلى هذه الرّمال كيف تحقّفت (3) إنّي أخاف أن تكون مأمورة ، فاغتمّ هود عليه السلام لما رأى من تكذيبهم إيّاه ونادته الأحقاف قرّ يا هود عيناً ، فانّ لعاد منّا يوم سوء ، فلمّا سمع هود ذلك قال : يا قوم اتّقوا الله واعبدوه ، فان لم تؤمنوا به صارت هذه
____________
(1) في ق 2 : عبدالله بن أسماء بن سماعة .
(2) في ق 1 : أجسادهم .
(3) في ق 4 وق 5 : تخففت .


( 93 )
الاحقاف عليكم عذاباً ونقمة ، فلمّا سمعوا ذلك أقبلوا على نقل الأحقاف ، فلا تزداد (1) إلاّ كثرة ، فرجعوا صاغرين ، فقال هود : يا رب قد بلغت رسالاتك فلم يزدادوا إلا كفراً .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فأوحى الله إليه يا هود : إنّي أمسك عنهم المطر ، فقال هود عليه السلام : يا قوم قد وعدني ربّي أن يهلككم ومرّ صوته في الجبال وسمع الوحش (2) صوته والسّباع والطير ، فاجتمع كلّ جنس منها يبكي ويقول : يا هود أتهلكنا (3) مع الهالكين ، فدعا هود ربّه تعالى في أمرها ، فأوحى الله تعالى إليه : أنّي لا أهلك من لم يعصني (4) بذنب من عصاني تعالى الله علوّاً كبيراً (5) .


فصل ـ 2 ـ
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank <A href="http://www.rafed.net/books/tarikh/qasas-anbiya/index.html">( في حديث إرم ذات العماد )
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 88 ـ عن ابن بابويه ، حدّثنا ابو الحسين محمد بن هارون الزّنجاني ، حدّثنا معاذ بن المثنى العنبري ، حدّثنا عبدالله بن أسماء ، حدّثنا جويرية ، عن سفيان عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : إنّ رجلاً يقال له : عبدالله بن فلانة (6) خرج في طلب إبل له قد شردت (7) ، فبينا هو في بعض الصّحاري في عدن في تكل الفلوات إذا هو قد وقع على مدينة عظيمة عليها حصن ، وحول ذلك الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال ، فلما دنا منها ظن أنّ فيها من يسأله عن إبله ، فلم ير داخلاً ولا خارجاً ، فنزل عن ناقته (Cool وعقلها وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن ، فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدّنيا أعظم منهما ولا أطول ، وإذا
____________
(1) في ق 2 : فلا تزد .
(2) في ق 2 : الوحوش .
(3) في ق 3 : أهلكتنا .
(4) في ق 3 : لم يعص .
(5) بحار الأنوار ( 11 | 361 ـ 362 ) ، برقم : ( 21 ) .
(6) في ق 3 والبحار : عبدالله بن قلابة ، وعن لسان الميزان ( 3 | 327 ) قال : عبدالله بن قلابة صاحب حديث إرم ذات العماد .
(7) في ق 1 : تشردت .
(Cool في ق 1 : عن قتبة .


( 94 )
خشبهما من أطيب خشب عود ، وعليهما نجوم من ياقوت أصفر وياقوت أحمر ، ضوئهما قد ملأ المكان ، فلمّا رآى ذلك أعجبه ، ففتح أحد البابين فدخل ، فإذا بمدينة لم ير الراؤون مثلها ، وإذا هو بقصور كل قصر معلق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت ، وفوق كلّ قصر منها غرف ، وفوق الغرف غرف مبنيّة بالذهب والفضّة والياقوت واللّؤلؤ والزّبرجد ، وعلى كلّ باب من أبواب تلك القصور مصراع مثل مصراع باب المدينة من عود طيب قد نضدت عليه اليواقيت (1) وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فلمّا رآى ذلك ولم ير هناك أحداً أفزعه ذلك ، ثمّ نظر إلى الأزقة ، فإذا في كلّ زقاق منها أشجار قد أثمرت تحتها أنهار تجري ، فقال : هذه الجنّة الّتي وضعت لعباد الله في الدنيا فالحمد لله الّذي أدخلني الجنّة ، فحمل من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزعفران ، فانّها كانت منثورة (2) بمنزلة الرّمل ، ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها ، لانّه كان مثبتاً في أبوابها وجدرانها ، فأخذ ما أراد وخرج إلى اليمن ، فأظهر ما كان منه ، وأعلم النّاس أمره ، وفشا خبره وبلغ معاوية ، فأرسل رسولاً إلى صاحب صنعاء ، وكتب بإشخاصه فشخص حتى قدم على معاوية وخلا به وسأله عمّا عاين ، فقصّ عليه أمر المدينة وما رآى فيها ، وعرض عليه ما حمله منها .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فبعث معاوية إلى كعب الاحبار ودعاه ، وقال : يا ابا إسحاق هل بلغك أنّ في الدّنيا مدينة مبنيّة بالذّهب والفضة ؟ فقال كعب الأحبار : أما هذه المدينة ، فصاحبها شداد بن عاد الّذي بناها ، فهي إرم ذات العماد وهي الّتي وصفها الله تعالى في كتابه المنزل على نبيّه محمد صلى الله عليه وآله ، قال معاوية : حدثنا بحديثها .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فقال : إن عاد الاولى ـ وليس بعاد قوم هود ـ كان له إبنان يسمّى أحدهما « شديد » والآخر « شداد » فهلك عاد وبقيا وملكا وتجبّرا ، وأطاعهما النّاس في الشّرق والغرب ، فمات شديد وبقي شدّاد ، فملك وحده ولم ينازعه أحد ، وكان مولعاً بقراءة الكتب ، وكان كلّما يذكر الجنّة رغب أن يفعل مثلها في الدّنيا عتوّاً على الله تعالى ، فجعل على صنعتها مائة
____________
(1) في ق 2 : الياقوت .
(2) في ق 1 وق 2 : منشورة .


( 95 )

رجل تحت كلّ واحد منهم ألف من الأعوان ، فقال : انطلقوا إلى أطيب فلاة من الأرض وأوسعها فاعملوا لي مدينة من ذهب وفضّة وياقوت وزبرجد واصنعوا تحت المدينة أعمدة من ياقوت وزبرجد ، وعلى المدينة قصوراً ، وعلى القصور غرفاً ، وفوق الغرف غرفاً ، واغرسوا تحت القصور في أرضها أصناف الثّمار كلّها ، وأجروا فيها الأنهار حتّى تكون تحت أشجارها فقالوا : كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذّهب والفضّة حتّى يمكننا أن نبني مدينة (1) كما وصفت ؟ قال شداد : أما تعلمون أن ملك الدّنيا بيدي ؟ قالوا : بلى ، قال : فانطلقوا إلى كلّ معدن من معادن الجواهر والذهب والفضّة ، فوكّلوا عليها جماعة حتّى يجمعوا ما تحتاجون إليه ، وخذوا جميع ما في أيدي الناس من الذّهب والفضّة ، فكتبوا إلى كلّ ملك في المشرق والمغرب ، فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين ، فبنوا له هذه المدينة في مدة ثلاثمائة (2) سنة .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فلمّا أتوه وأخبروه بفراغهم منها ، قالوا : انطلقوا فاجعلوا عليها حصناً ، واجعلوا حول الحصن ألف قصر ، لكلّ قصر ألف علم ، يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرآئي ، فرجعوا وأعملوا ذلك كلّه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم أتوه فأخبروه بالفراغ مما أمرهم به ، فأمر الناس بالتّجهيز إلى إرم ذات العماد ، فأقاموا إلى جهازهم إليها عشر سنين ، ثمّ سار الملك شداد يريد إرم ذات العماد ، فلمّا كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة ، بعث الله جلّ جلاله عليه وعلى من معه صيحة من السّماء فاهلكتهم جميعاً ، وما دخل هو إرم ولا أحد ممن كان معه ، وإنّي لأجد في الكتب أنّ واحداً يدخلها فيرى ما فيها ، ثم يخرج فيحدّث بما يرى ولا يصدّق ، فسيدخلها أهل الدّين (3) في آخر الزمان (4) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: فى زكر هود وصالح عليهما السلام   فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Icon_minitimeالسبت يناير 05, 2008 11:03 am

فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ( في نبوة صالح صلوات الله عليه )
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وهو صالح بن حاثر بن ثمود بن حاثر بن سام بن نوح صلوات الله عليه (5) .
____________
(1) في ق 2 : المدينة .
(2) في ق 2 : ثمانمائة .
(3) في ق 2 : أهل الدنيا .
(4) بحار الأنوار ( 11 | 367 ـ 369 ) ، برقم : ( 2 ) .
(5) بحار الأنوار ( 11 | 377 ) ، برقم : ( 2 ) ، وفيه : هو صالح بن ثمود بن عاثر بن ارم بن سام بن نوح .


( 96 )
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وأمّا هود ، فهو ابن عبدالله بن رياح ابن حيلوث ـ حلوث ، جلوث ـ بن عاد بن عوض بن آدم بن سام بن نوح (1)
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 89 ـ أخبرنا أبو نصر الغازي ، عن أبي منصور العكبري ، عن المرتضى والرّضي ، عن الشّيخ المفيد ، عن الشيّخ أبي جعفر بن بابويه ، عن علي بن العباس الدّينوري ، عن جعفر بن محمد البلخي ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن إبراهيم بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر صلوات الله عليهما وسأله رجل عن أحاب الرّس (2) الذين ذكرهم الله في كتابه من هم ؟ وممن هم ؟ وأيّ قوم كانوا ؟
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فقال : كانا رسّين (3) أما أحدهما ـ فليس الّذي ذكره الله في كتابه ـ كان أهله أهل بدو وأصحاب شاة وغنم ، فبعث الله تعالى إليهم صالح النّبي رسولاً ، فقتلوه وبعث إليهم رسولاً آخر فقتلوه ، ثم بعث إليهم رسولاً آخر وعضده بوليّ ، فقتل الرّسول وجاهد الوليّ حتّى أفحمهم ، وكانوا يقولون إلهنا في البحر ، وكانوا على شفيره وكان لهم عيد في السّنة يخرج حوت عظيم من البحر في ذلك اليوم فيسجدون له .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فقال وليّ صالح لهم لا أريد أن تجعلوني ربا ، ولكن هل تجيبوني إلى ما دعوتكم ؟ إن أطاعني ذلك الحوت ، فقالوا : نعم وأعطوه عهوداً ومواثيق ، فخرج حوت راكب على أربعة أحوات ، فلما نظروا إليه خرّوا له سجداً ، فخرج ولي صالح النّبي إليه وقال له : ائتني طوعاً أو كرها بـ : بسم الله الكريم فنزل على أحواته ، فقال الوليّ ائتني عليهن لئلا يكون من القوم في أمري شك فأتى الحوت إلى البرّ يجرّها إلى عند وليّ صالح ، فكذّبوه بعد ذلك فأرسل الله إليهم ريحاً ، فقذفهم (4) في اليم أي البحر ومواشيهم ، فأتى الوحي إلى ولي صالح بموضع ذلك البئر وفيها الذّهب والفضّة ، فانطلق فأخذه ففضّه على أصحابه بالسّوية على الصّغير والكبير (5) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank وأما الّذين ذكرهم الله في كتابه ، فهم قوم كان لهم نهر يدعى الرّس ، وكان فيها أمياه
____________
(1) بحار الأنوار ( 11 | 350 ) ، برقم : ( 1 ) .
(2) في البحار : عن يعقوب بن ابراهيم قال : سأل رجل ابا الحسن موسى عليه السلام عن أصحاب الرّس .
(3) في ق 3 : كانا رئيسين ، وفي ق 4 وق 5 : كانا رسيين .
(4) في ق 1 وق 2 : فنبذهم .
(5) بحار الأنوار ( 11 | 387 ـ 388 ) ، برقم : ( 13 ) .


( 97 )
كثيرة ، فسأله رجل وأين الرّس ؟ فقال : هو نهر بمنقطع آذربيجان ، وهو بين حدّ (1) أرمنيّة وآذربايجان ، وكانوا يعبدون الصلبان ، فبعث الله إليهم ثلاثين نبيّاً في مشهد واحد فقتلوهم جميعاً ، فبعث الله إليهم نبيّاً وبعث معه وليّاً فجاهدهم ، وبعث الله ميكائيل في أوان وقوع الحبّ والزّرع ، فانضب ماءهم ، فلم يدع عيناً ولا نهراً ولا ماءاً إلاّ أيبسه ، وأمر ملك الموت فامات مواشيهم وأمر الله الارض فابتلعت ما كان لهم من تبر أو فضة أو آنية « فهو لقائمنا عليه السلام إذا قام » فماتوا كلّهم جوعاً وعطشاً وبكاءاً ، فلم يبق منهم باقية وبقي منهم قوم مخلصون ، فدعوا الله أن ينجيهم بزرع وماشية وماء ويجعله قليلاً لئلا يطغوا ، فأجابهم الله إلى ذلك ، لما علم من صدق نيّاتهم .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم عاد القوم إلى منازلهم ، فوجدوها قد صارت أعلاها أسفلها ، واطلق الله لهم نهرهم وزادهم فيه على ما سألوا ، فقاموا على الظّاهر والباطن في طاعة الله ، حتى مضى أولئك القوم ، وحدث نسل بعد ذلك أطاعوا الله في الظاهر ونافقوه في الباطن وعصوا بأشياء شتّى ، فبعث الله من أسرع فيهم القتل ، فبقيت شرذمة منهم ، فسلّط الله عليهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحد وبقي نهرهم ومنازلهم مائتي عام لا يسكنها أحد ، ثم أتى الله تعالى بقوم بعد ذلك فنزلوها وكانوا صالحين ، ثم أحدث قوم منهم فاحشة واشتغل الرّجال بالرجال والنّساء بالنّساع ، فسلّط الله عليهم صاعقة ، فلم يبق منهم باقية (2) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 90 ـ وباسناده عن ابن أورمة ، عن علي بن محمد الخيّاط ، عن علي بن أبي حمزة (3) عن أبي بصير عن أبي عبدالله صلوات الله عليه في قوله تعالى : « كذّبت ثمود بالنّذر » (4) فقال : هذا لما كذبوا صالحاً صلوات الله عليه ، وما أهلك الله تعالى قوماً قطّ حتّى يبعث إليهم الرّسل قبل ذلك فيحتجّوا عليهم ، فإذا لم يجيبوهم أهلكوا ، وقد كان بعث الله صالحاً عليه السلام فدعاهم إلى الله فلم يجيبوه وعتوا عليه ، وقالوا : لن نؤمن لك حتّى تخرج لنا من الصخّرة ناقة عُشرآء (5) ، وكانت صحرة يعظمونها ويذبحون عندها في رأس كلّ سنة
____________
(1) في ق 3 : هو من حدّ .
(2) بحار الأنوار ( 14 | 153 ـ 154 ) ، برقم : ( 4 )
(3) وفي النسخ : علي بن حمزة والظاهر أنّه : علي بن أبي حمزة البطائني قائد أبي بصير .
(4) سورة القمر : 23 .
(5) ناقة عشراء : هي التي مضى من خمسة عشرة أو ثمانية أشهر ، أو هي كالنفساء من السماء .


( 98 )
ويجتمعون عندها ، فقالو له : إن كنت كما تزعم نبيّاً رسولاً ، فادع الله يخرج لنا ناقة منها فأخرجها لهم كما طلبوا منه .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فأوحى الله تعالى إلى صالح أن قل لهم : إنّ الله تعالى جعل لهذه النّاقة شرب يوم ولكم شرب يوم ، فكانت النّاقة إذا شربت يومها شربت الماء كلّه ، فيكون شرابهم ذلك اليوم من لبنها ، فيحلبونها فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومه ذلك ، فإذا كان اللّيل واصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوهم ذلك اليوم ولا تشرب النّاقة ، فمكثوا بذلك ما شاء الله حتّى عتوا ودبّروا في قتلها ، فبعثوا رجلاً أحمر أشقر أزرق لا يعرف له أب ولد الزّنا ، يقال له : قذار ليقتلها ، فلمّا توجّهت الناقة إلى الماء ضربها ضربة ، ثم ضربها اُخرى فقتلها ، وفرّ فصيلها حتى صعد إلى جبل ، فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا أكل منها ، فقال لهم صالح عليه السّلام : أعصيتم ربّكم إنّ الله تعالى يقول : إن تبتم قبلت توبتكم ، وإن لم ترجعوا بعثت إليكم العذاب في اليوم الثالث ، فقالوا يا صالح ائيتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ، قال : إنّكم تصبحون غداً وجوهكم مصفرة ، واليوم الثّاني محمرّة ، واليوم الثّالث مسودّة ، فاصفرت وجوههم فقال بعضهم : يا قوم قد جاءكم ما قال صالح ، فقال العتاة : لا نسمع ما يقول صالح ولو هلكنا (1) ، وكذلك في اليوم الثّاني والثالث ، فلمّا كان نصف اللّيل أتاهم جبرئيل ، فصرخ بهم صرخة خرقت أسماعهم وقلقلت قلوبهم (2) ، فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم ، ثم أرسل الله عليهم ناراً من السّماء فأحرقتهم (3) .

فصل ـ 4 ـفى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 91 ـ وباسناده عن الصّفار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن زيد الشحام (4) ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : إن صالحاً عليه السلام غاب عن قومه زماناً ، وكان يوم غاب كهلاً حسن الجسم (5) ،
____________
(1) في ق 2 : وان هلكنا .
(2) في ق 3 : فلقت قلوبهم .
(3) بحار الأنوار ( 11 | 385 ـ 386 ) ، برقم : ( 11 ) .
(4) في البحار : عن إبن أسباط عن إبن أبي عمير عن الشّحام .
(5) في ق 2 : حسن الوجه .


( 99 )
وافر اللّحية ، ربعة من الرّجال ، فلمّا رجع إلى قومه لم يعرفوه ، وكانوا على ثلاث طبقات : طبقة جاحدة (1) ولا ترجع أبداً ، وأخرى شاكة ، وأخرى على يقين ، فبدأ حين رجع بالطّبقة الشّاكة ، فقال لهم : أنا صالح فكذّبوه وشتموه وزجروه ، وقالوا : إنّ صالحاً كان على غير صورتك وشكلك ، ثم أتى (2) إلى الجاحدة فلم يسمعوا منه ونفروا منه أشد النّفور .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثم انطلق إلى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين ، فقال لهم : أنا صالح ، فقالوا أخبرنا خبراً لا نشكّ فيه أنّك صالح انا تعلم أنّ الله تعالى الخالق (3) يحوّل في أيّ صورة شاء ، وقد أخبرنا وتدارسنا بعلامات صالح عليه السلام إذا جاء ، فقال : أنا الّذي أتيتكم بالنّاقة ، فقالوا : صدقت وهي الّتي تتدارس (4) فما علامتها ؟ قال : لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم (5) ، فقالوا : آمنّا بالله وبما جئتنا به « قال » عند ذلك ( الّين استكبروا ) وهم الشّكاك والجحاد : ( وإنّا بالّذي آمنتم به كافرون ) (6) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank قال زيد الشحّام : قلت : يا بن رسول الله (ص) هل كان ذلك اليوم عالم ؟ قال : الله أعلم من أن يترك الأرض بلا عالم ، فلمّا ظهر صالح عليه السلام اجتمعوا عليه ، وإنّما مثل عليّ والقائم صلوات الله عليهما في هذة الأمّة مثل صالح عليه السلام (7) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 92 ـ أخبرنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي النيشابوري ، عن عليّ بن عبد الصّمد التّميمي ، عن السيّد أبي البركات علي بن الحسين ، عن ابن بابويه ، حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن سدير قال : سأل أبا جعفر عليه السلام رجل وأنا حاضر عن قوله تعالى : ( وقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا ) (Cool فقال : هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ، ينظر بعضهم
____________
(1) في البحار : جاحدة لا ترجع .
(2) في ق 3 : ثم رجع .
(3) في ق 4 والبحار : لخالق .
(4) في ق 2 : نتدارسها .
(5) اقتباس من سورة الشعراء : 155 .
(6) سورة الأعراف : ( 76 ) .
(7) بحار الأنوار ( 11 | 386 ـ 387 ) ، برقم : ( 12 ) .
(Cool سورة سبأ : ( 19 ) .


( 100 )
إلى بعض ، ولهم أنهار جارية وفواكه وأعناب ، وكانت قراهم فيما بين المدينة على ساحل البحر إلى الشام ، فكفروا فغيّر الله ما بهم من نعمة (1) ، فأرسل عليهم سيل العرم ، فغرق قراهم (2) .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 93 ـ وباسناده عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه السلام إنّ قوماً من أهل إيله (3) من قوم ثمود كانت الحيتان تستبق إليهم كل يوم ، وكانوا نهوا عن صيدها ، فأكلها الجهّال ، ولا ينهاهم عن ذلك العلماء ، ثمّ انحازت طائفة منهم ذات اليمين ، فقالت : إنّ الله تعالى ينهاكم عنها واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار ، فسكتت ولم تعظهم ، وقالت الأولى : ( لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم قالوا معذرة إلى ربّكم ولعلّهم يتّقون فلمّا نسوا ما ذكروا به ) (4) أي : تركوا ما وعّظوا به ، خرجت الطّائفة الواعظة من المدينة مخافة أن يصيبهم العذاب وكانوا أقلّ الطائفتين ، فلمّا أصبح أولياء الله أتوا باب المدينة ، فإذا هم بالقوم قردة لهم أذناب .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank ثمّ قال أبو جعفر قال علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام : لهذه الأمّة نبّيها سنّة أولئك لا ينكرون ولا يغيّرون عن معصية الله ، وقد قال الله تعالى : « أنجينا الّذين ينهون عن السّوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون » (5) .


فصل ـ 5 ـ
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank 94 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني علي بن إبراهيم ابن هاشم ، عن ابيه ، حدّثنا أبو الصّلت الهروي ، حدثني علي بن موسى الرّضا ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبائهم عليهم الصلاة والسلام قال : جاء علي بن أبي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من اشرافهم ، يقال له : عمرو ، فسأله عن أصحاب الرّس فقال :
____________
(1) في ق 2 : فغير الله عليهم من نعمة .
(2) بحار الأنوار ( 14 | 144 ـ 145 ) ، برقم : ( 3 ) نحوه عن الكافي .
(3) في البحار : أهل ابلة .
(4) سورة الأعراف : ( 164 ) والّتي بعدها أيضاً فيها : ( 165 ) .
(5) بحار الأنوار ( 14 | 54 و52 ) .


( 101 )
إنّهم كانوا يعبدون شجرة صنوبر ، يقال لها شاه درخت ، كان يافث بن نوح عليه السلام غرسها على شفيرعين (1) يقال لها : روشاب ، وإنّما سمّوا أصحاب الرّس ، لأنّهم رسّوا نبيّهم في الأرض ، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطىء نهر يقال له : الرّس من بلاد المشرق ، ولم يكن يومئذ نهر أغزر منه ولا قرى أكبر منها ، وقد جعلوا في كلّ شهر من السّنة في كلّ قرية عيداً يجتمع إليه أهلها ، فيضربوا (2) على الشجرة الّتي غرسوا من حبّ تلك الصّنوبرة كلّة من حرير ، ثمّ يأتون بشاة وبقر فيذبحونهما قربانا للشّجرة هذا عيد شهر كذا ، فاذا كان عيد قريتهم العظيمة الّتي فيها الصّنوبرة ضربوا سرداق ديباج عليه ، ويجتمع عليه صغيرهم وكبيرهم ويسجدون له (3) ويقرّبون الذّبائح أضعاف ما قربوا للشّجرة الّتي في قراهم .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فلمّا طال كفرهم بعث الله نبيّاً يدعوهم إلى عبادة الله فلا يتّبعونه (4) ، فلمّا رآى شدّة تماديهم ، قال : يا ربّ إن عبادك أبوا إلاّ تكذيبي فأيبس شجرهم ، فأصبح القوم وقد يبس أشجارهم كلّها فما لهم ذلك ، فقالت فرقة : سحر آلهتكم هذا الرجل الّذي يزعم أنّه رسول رب السّماء والأرض ، وقالت فرقة : لا بل غضبت آلهتكم ، فحجبت حسنها لتنتصروا منه ، فاجتمع رأيهم على قتله ، فاتخذوا أنابيب طولاً من نحاس واسعة الافواه ، ثم أرسلوها في قرار البئر واحدة فوق الاخرى مثل البرابخ (5) ونزحوا ما فيها من الماء ، ثمّ حفروا في قعرها بئراً ضيقة المدخل عميقة .
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام Blank فأرسلوا فيها نبيّهم صلوات الله عليه والقموا فاها صخرة (6) عظيمة ، ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء ، فبقي عامة قومه (7) يسمعون أنين نبيّهم عليه السلام ، وهو يقول : سيّدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي ، فأرحم ضعف ركني وقلّة حيلتي ، وعجّل بقبض روحي ،
____________
(1) في ق 2 : على شفرعين .
(2) في ق 1 : فيضربون .
(3) في ق 2 : لها .
(4) في ق 2 : فلم يتبعوه .
(5) البرايخ : ما يعمل من الخزف للبئر ومجاري الماء .
(6) في ق 3 : وألقوا فيها صخرة .
(7) في ق 1 : فبقي عامة قومهم ، وفي ق 3 : فبقي عاماً قومه .


( 102 )

فمات صلوات الله عليه ، فقال الله عز وجل : يا جبرئيل لأجعلنهم عبرة للعالمين ، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك إلا ريح عاصفة شديدة الحمرة ، فتحيروا وتضام بعضهم إلى بعض ، ثم صارت الأرض من فوقهم كبريتا يتوقد ، سحابة سوداء ، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص (1) .
____________
(1) بحار الأنوار ( 14 | 148 ـ 149 ) ، عن العلل والعيون ، وفي آخره : كما يذوب الرصاص في النار . </FONT>
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فى نبوة ادرس ونوح عليهما السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المصطفي :: •●ٌ۩۞۩ٌ●• المنتدي الاسلامي•●ٌ۩۞۩ٌ●• :: قصص الانبياء-
انتقل الى: